shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


مقالات                      

تفاصيل المقالة
كتاب( شعب المرجان) لـ حسن عبد الله الشرفي  
 مقدمات كتب آخرين

عندما بادرني الإذاعي اللامع ( عبد البديع فهمي) : مذيع المنتدى الأدبي في إذاعة صوت العرب سائلا: اذكر شاعرين يمنيين ـ بعد رحيل البردوني ـ تسرع بهما البديهة ؟
فبادرته بالجواب : حسن عبد الله الشرفي، ومحمد أحمد منصور.
وبعد إذاعة البرنامج قمت باستعراض قفطان الذاكرة فوجدت فيه مئات من شعراء اليمن أفذاذًا، لكني لم أجد قبلهما ـ أيضاً ـ في الترتيب أحداً، من حيث الكم والكيف.
وهذا هو الشاعر : حسن عبد الله الشرفي، غريد أفنان دوحة الشعر في الغدو والآصال.
هذا الشاعر الذي لا ينازعه سلطان التمكين ـ من نحت الصورة الفنية الجميلة الوافية الكافية ـ منازع، سواء أطالت الصورة الفنية أم قصرت . وقبل أن أتعرف عليه لحمًا وشحمًا قرأته وسمعت عنه وحفظت له أكثر من حفظي لشعري، ولما كنت في مجلس شاعرىٍ عُقِدَ بمنزلي بصنعاء حدثني الشاعر الفنان الطريف الظريف / علي عبد الرحمن جحاف ـ عافاه الله ـ قائلا: إن كنت تبحث عن نَظَّامٍ للشعر فأنا هو، وإن كنت تبحث عن شاعر موهوب، فالشاعر هو : حسن عبد الله الشرفي.
ثم التقينا مرة أخرى في منزلي بصنعاء بعد عام بالشاعر الشرفي فرأيت فيه آية الشعر المحكمة، وسورة الإبداع الجميل.
هذا الشاعر صدر له من الشعر الفصيح، والحميني اليمني أكثر من ديوان مطبوع. وشعره اليوم لا يكل ولا يمل اقتحامًا، وتسلقًا، وتزلجًا على صفحات الجرائد والمجلات اليمنية، وكلما تابعت له قصيدة جديدة، رأيت ميلاد قصيدة أخرى تالية أو توأماً.
كان اختيار مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون لديوانه " شعب المرجان" ـ اختيارًا موفقًا، لأن هذا الديوان يمثل ( صهيل الحب) من هذا الشاعر، ولولا مظنة رفض الشاعر هذا الاسم لوسمته به، خاصةً وبين يدي للشاعرة المصرية شريفة السيد ديوانها " صهيل العشق" .
وهذا الشرفي يقول:

يا قارئي هذا الصهيـ ________________________
اقرأه مأمون السر يـ ________________________

 

ـل جعلته في الحب سُنَّة ________________________
ـرة أو فراوغ فيك ظَنَّه ________________________

حقَّا لقد كان الصوت الشعري في هذه الشعب المرجانية نديَّا عاليًا أكثر من الصهيل.

لك سر هذا القلب مفـ ________________________
لتظل صاحبه الذي ________________________

 

ـتوحًا على باب المجنَّه ________________________
لا تقرع الآثام سِنَّه ________________________

هذا الشاعر البدوي المتحضر أضرم همُّه شجونه ، فهو بين مسقط رأسه ـ وموطنه " جبل مفتاح" من بلاد " حجَّة" الشامخة ـ زفرات حنين، وذكريات عهود:

جبل الأحبة فيك أيامي ________________________
يا أنت يا " مفتاح" مملكتي ________________________
يا مصر أنهاري وأوديتي ________________________

 

وملاعبي الأولى وأحلامي ________________________
ومدائني ومدار إلهامي ________________________
ومعابدي الأنقى وأهرامي ________________________

هذا الشاعر :
صبغ الشذا من شجرة الكاذي العطري، بألوان الطيف الشاعري فكان هاجس الإلهام الشعري عند هذا الشاعر الذي ودع سلسلة جبال السروات، في أهاضيب قريته، ورحل إلى مدينة صنعاء العامرة بأمثاله وأترابه ليلقى نفسه شاعر السياسة والأوجاع المضنية في شعبه وبلاده، يغني في دموع ويبسم في نشيج، ويهدهد بين جنبيه معاناة أمة، فيخنق تغريده البؤس الشعوري، والحزن الذي لا يستطيع معه ذكر الحازنين، فيشير إليهما بإبهام قدمه فقط، يوم لا يريان سبابة يمنية:

قل للكبيرين ولم يكبرا ________________________
الشعب أبقى لو تذكرتما ________________________
الشعب في وجهيكما خائف ________________________
وأنتما أدرى بها إن تكن ________________________

 

إلا بنا في ( العبر) أو ( صافر) ________________________
موجتها في دمه الطاهر ________________________
من لعبة الراقص والزامر ________________________
في خدرها أو قصرها العامر ________________________

فشعره مليء بالخطاب السياسي الواضح لمعاصريه، وشعره كشاف حافل بالأمثال والتضمينات الشعرية والنثرية، ومليء بالإيماءات الفقهية، وأحكام التجويد، والنحو. ومع ذلك فهو ساخر متى أراد، ومستهتر أحياناً في قصيدة الشكوى والسخرية ، ولا يبالي بقطرية استخدام المفردة اللغوية أو قوميتها، قرويتها أو مدنيتها. فكل ما يهمه هو أن يحسن معالجة الفكرة وإشباع الموضوع، ولا يخرج من قصيدته ـ سواء كانت طويلة أو قصيرة ـ إلا وقد قتل موضوعها بحثَّا، وأمثلة وإقناعاً فلا يترك شاردة فيها ولا واردة إلا ويوردها.
وهاهو يستخدم كلمة ( الفنقلة) ( المرجلة) ( الهرجلة) كأمثلة على عدم تكلفة لما لا يجرى على لسانه في قومه من المفردات المحلية.
ولست قادرًا على طيافة استقرائية في هذه الكلمة، إذ ليست هذه مقدمة نقدية؛ فليس هذا الشاعر بالممكن اقتياده إلى سلاسل النقد الواهية، ولكني أدعو الدارسين الأكاديميين الباحثين في الموضوعات الشعرية، والذات الشاعرة ـ أن يكون هذا الديوان وشاعره محل دراسة أكاديمية؛ لينال دارسه بها درجة علمية من إحدى الجامعات، ليكتب عنه وفيه ما يحب ويكره.
ولكني قبل التوقيع أحببت استلفات قارئ هذا الديوان ـ بل هذه " الشعب المرجانية" ـ إلى موطن الخطاب الذي استذرف عبراتي بصدقه وحزنه في بكائيته التي لم أقف على مثلها، وهي مرثاته للشاعر عبد الله البردوني ـ شاعر اليمن وهبته الخالدة ـ في أطول قصيدة قالها، وأشجى معزوفة جنائزية قيلت: ما قلت لي كيف شئت الموتة الآنا وقد تمازجت في الأحياء وجدانا وختمها بقوله ـ خيب الله حدسه ـ :
لا تنتظرْني طويلا رُبَّما سنة طوباك ملء سماوات الرضا ألقَاً ويضمنُ القَدَرُ المَحْتُومُ لقُيانا به نرى في فجاج الزَّيفِ موتانا وإني لأشكر ممتنًا لهذا الشاعر إهداءه هذه " الشعب المرجانية" إليّ، وإلى شاعري وأستاذي كبير شعراء الجزيرة العربية في القرن السابع الهجري "القاسم بن هتيمل"، رحمه الله. راجيًا أن نرى لهذا الشاعر شعبًا، وسحبًا طلاعة هطالة باللؤلؤ والمرجان، وهيت لك إلى حديقة الديوان .

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com